(السودان يسع الجميع) شعار أطلقته وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، على مؤتمر الحُريات الدينية والتعايش السلمي الذي نظمته بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وشارك فيه كافة الطوائف الدينية، بالإضافة إلى إعداد أوراق عملية ناقشت عدداً من القضايا التي يرجى من خلالها العيش في وئام إنساني بعيداً عن التميز الديني والعرقي وكانت عدداً من المنظمات قد رصدت في السابق للسودان مواقف ثابتة منذ عهود فيما يختص بالتعايش الديني ووجود مقومات فعلية ارتكزت عليها تحقيق السلم الاجتماعي فضلاً عن العلاقات الطيبة التي تجمع الأطياف الدينية ببعضها البعض بكافة شرائحه في عدد من المناسبات الاجتماعية.. إلا أن الضرورة الملحة لتأكيد هذا النوع من الحُريات دفع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف لإقامة المؤتمر ولأهميته كان رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك حضوراً.
تحرير الفكر
وخلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحُريات الدينية والتعايش السلمي في السودان، أوضح رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك، أن الحُريات الدينية التي تبدأ من تحرير الضمير لتصل إلى تحرير التعبير مروراً بتحرير الفكر هي جُذور الحريات الإنسانية كافة، وقال: إنه لا حرية من أي نوع يمكن لها أن تسبق هذه الحريات الدينية التي تفتح نوافذ الضمير على آفاق التسامح مع الجميع، وقال حمدوك إن المؤتمر يأتي والبلاد تستشرف عهداً جديداً لبناء وطن يسع الجميع، مبيناً أن الحُريات الدينية واحدة من أوائل الحقوق التي تم الاعتراف بها بموجب القانون الدولي، وكل الشرائع، وأضاف: حتى في وقتنا الحاضر فإن مراجعتنا للوثائق الرسمية الدولية والوطنية حول الدّين تشير إلى أننا والمجتمع الدولي ندرك مكانة الحريات الدينية ضمن كوكبة حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن الكثير من العلماء والمفكرين يعتبرون هذا الحق أباً لكل الحقوق الإنسانية، إذ بدونه لا يمكن أبداً ضمان العدالة والمساواة واحترام كرامة الإنسان.
سلام جوبا
وأوضح حمدوك أن السودان بلد مُتعدد في كل شيء، لا سيّما في أديانه وقبائله وثقافاته وجغرافيته، الأمر الذي يتطلب أن نضع من التشريعات والقوانين ما يحفظ لهذا التنوع بقاؤه دون المساس بحرية أحد، وأن نتعايش في هذا البلد دون قتال أو حروب أو خلاف أو إلغاء للآخر مهما كانت الدواعي والأسباب، وأضاف إن السودان بلد متعدد في كل شيء، لا سيَّما في أديانه وقبائله وثقافاته وجغرافيته، فينبغي ونحن مقدمون على المؤتمر الدستوري أن نجعل لنا دستوراً ونُشرع من القوانين ما يحفظ هذا التنوع، ويُشرّع لبقائه دون المساس بحرية أحد، وأن نتعايش في هذا البلد دون قتال أو حروب أو خلاف وإلغاء للآخر مهما كانت الدواعي والأسباب، وأضاف اعتقد أن سلام جوبا الذي وقعناه في الأيام الفائتة هو خطوة في هذا الاتجاه ونتمنى أن يعود السلام والأمن لشرقنا الحبيب حتى تنعم البلاد بالسلام والطمأنينة.”
وأكد رئيس الوزراء ضرورة أن يتعاهد الجميع على وضع لبنات لمشروع وطني يجعلنا نعيش في وطن تكون الحقوق والواجبات فيه هي أساس المواطنة، داعياً الجميع إلى الاتفاق على أُسس السلام والتعايش السلمي وقبول الآخر واحترام التراث الجميل لشعب السودان حتى نبني بلداً قوياً نعتز به.
شباب الثورة
من جانبه أوضح وزير الشؤون الدينية والأوقاف أن الأديان السماوية جميعها تُعلي من حرية التدين وتكفل حرية العبادة، مشيراً إلى أن الإرادة الشعبية للأئمة والدعاة والقساوسة والمطارنة وشباب الثورة كان أقوى من كل التحديات والمتاريس في إرساء أدب التعايش السلمي وترسيخ قيم وأدب الاختلاف وإدارة التنوع في وطن متعدد الأديان والقبائل والثقافات والأفكار.
ودعا وزير الأوقاف أبناء الشعب بمختلف دياناتهم إلى ضرورة التعاون على محاربة الفساد والتطرف والإرهاب والعمل على نهج مبدأ التعايش السلمي وإعلاء قيم الاختلاف، موضحاً أن مسؤولية الحكومة هي أن ترعى الأديان وأن تحافظ على الأمن والسلام حتى يمارس الجميع شعائرهم الدينية في أمن وأمان.
التعايش الديني
من جهته أوضح ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مستر جوس أن الأمم المتحدة حريصة على دعم منهج التحاور وما ينتجه من مخرجات للاستفادة منها في تحقيق السلام والاستقرار، مشيراً إلى أن الحوار يمثل آلية جيدة لمنع التطرف وتحقيق التعايش الديني باعتبار أن هنالك الكثير من القضايا لا يمكن حلها إلا بالحوار والتفاوض، وأكد جوس التزام الأمم المتحدة بدعم كل برامج وأنشطة الحكومة الانتقالية التي من شأنها تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستويين المحلي والقومي.
هذا ويناقش المؤتمر على مدى يومين عدداً من الأوراق العلمية تتناول دور الأديان في بناء السلم الاجتماعي، والتعايش الديني في السودان، الماضي والحاضر والمستقبل، بجانب دور الإعلام في ترسيخ قيم التسامح بين الأديان، وصيانة أُسس العيش المشترك في السودان، ودور التدابير التشريعية في تعزيز التعايش السلمي