
قرار حل وحظر المؤتمر الوطني كان لأنه الحزب الحاكم الذي اختلط وامتزج بالسلطة تماما وأضحى من الصعب التمييز بين الأصول والممتلكات التابعة للحزب وتلك التي تتبع للدولة ، كما أنه أفسد الحياة السياسية وقمع الجميع ، لم يكن الهدف أبداً هو إقصاء فكرة أو أيدولوجيا من حقها في كامل الحريات ولا يجب أن يكون .
نعم فشلت تماما تجربة حكم الإسلام السياسي في السودان ، ومثلت أكثر الفترات السوداوية في تاريخنا المعاصر ، ولكن ذلك لا يعني إقصاء الفكرة من المشهد وتكرار نفس الممارسات القبيحة التي مارسها أربابها خلال فترات حكمهم معهم اليوم ، فإرساء دولة القانون والعدالة هو أحد أعمدة الثورة كما يجب علينا أن نتعلم من دروس التاريخ.
فأكبر خدمة يمكن أن يتم تقديمها لفكرة ما هو بقمعها والتضييق عليها ، لاسيما إذا كانت فكرة ضعيفة غير متماسكة وأثبتت فشلها ، لذلك وعلى الرغم مما قد يجلبه قول مماثل من سخط وغضب إلا أن قوله بكل وضوح في غاية الأهمية ، من المرفوض تماما ما شاهدناه خلال الأيام الماضية من حظر للتنظيمات الطلابية الجامعية التابعة للمؤتمر الشعبي وأحزاب الإسلام السياسي الأخرى ماعدا المؤتمر الوطني ، هذه القرارات معيبة ويجب مراجعتها من قبل الحكومة وإدارات الجامعات ، الفكرة يجب أن تقاوم دائما وأبدا بالفكرة ، والحظر والمنع يكون لمن يتعدون على حقوق الآخرين أو يستخدمون الأساليب الممنوعة والمحرمة بالقانون وتبعا للوائح المنظمة.
الحركة الطلابية في السودان ظلت من أعظم مكامن القوة والنشاط والفاعلية في مجتمعنا السوداني ، صمدت في وجه النظام ، وفي أوقات كثيرة كانت وحدها تماما في المشهد تدافع عن حق الشعب السوداني في الحياة والحرية والكرامة ، عليها اليوم أن تتمسك بنفس القيم والمبادئ التي ضحى العشرات من أبناءها في سبيل تحقيقها وعلى الحكومة أن تهتم بها وتليها العناية المطلوبة وتخلصها من رهق وقيود وتشويه سنين الإنقاذ ، ولكي تبدأ ذلك عليها بالقانون والعدالة والمساواة بين الطلاب في التعبير عن أفكارهم وبرامجهم وتنظيراتهم السياسية بكل حرية وسلمية.