تجمع المهنيين.. البحث عن شركاء جدد..تخبط.. أم رؤية صائبة ؟ - SUDAFANS

عاجل

السبت، 25 يوليو 2020

تجمع المهنيين.. البحث عن شركاء جدد..تخبط.. أم رؤية صائبة ؟



في خطوة مفاجئة، أعلن تجمّع المهنيين السودانيين (السبت) انسحابه من كل هياكل تحالف الحرية والتغيير، كما دعا التجمع إلى تنظيم مؤتمر عاجل للقوى الثورية الموقعة على الإعلان وخارجه.

وتأتي خطوة المؤتمر بحسب بيان التجمع للتباحث حول إعادة بناء وهيكلة الحرية والتغيير لتصبح معبّرةً عن القوى صاحبة المصلحة في حماية مكتسبات ثورة ديسمبر والبناء عليها.

وسبقت خطوة انسحاب التجمع عدد من التحركات، كان آخرها زيارة وفد من التجمع يوم أمس الجمعة إلى مدينة جوبا بجمهورية جنوب السودان لإجراء لقاءات مع الحركة الشعبية شمال جناح عبد العزيز الحلو، كجسم خارج تحالف الحرية والتغيير. وأتت الزيارة للتباحث حول آفاق العمل المشترك ودعم المطالب الشعبية بإحلال السلام الشامل وترسيخ التحول الديمقراطي على حد قول التجمع.

خلفية الصراع
نشبت خلافات كبيرة في مايو الماضي داخل تجمع المهنيين، أحد أبرز مكونات تحالف الحرية والتغيير، على خلفية اختيار أعضاء جدد للأمانة العامة للتجمع، طعنت بعض المكونات في نتيجة انتخابات السكرتارية، وأدت الخلافات إلى انقسام التجمع إلى فصيلين.
وعلى إثر ذلك جمد الفصيل المنتخب للتجمع عضوية خمسة أجسام مهنية تابعة له. وأرجع قرار تجميد عضوية الأجسام الخمسة إلى خروقات مستمرة لميثاق ولائحة تجمع المهنيين، موضحاً أن التجميد طال “لجنة أطباء السودان المركزية، وتجمع المهندسين، وتجمع مهنيي الموارد البشرية، وتجمع مهنيي الأرصاد الجوية، وتجمع البيئيين”.

كما أعفى التجمع جميع المتحدثين الرسميين، وسحب جميع ممثلي التجمع في هياكل قوى إعلان الحرية والتغيير، وفي اللجان والمجالس الحكومية.
على الجانب الآخر، اعتبر الجسم الرافض لنتيجة الانتخابات، الانتخابات التي تمت بأنها متجاوزة لكل اللوائح والتوافقات النقابية.
وفي مؤتمره صحفي عقد بوكالة الأنباء السودانيةبتمثيل كل من محمد ناجي الأصم، إسماعيل التاج، واتهم الأصم تياراً حزبياً باختطاف الجسم النقابي وتجييره لمصلحته.
كما أكد القيادي في التجمع، إسماعيل التاج، دعمهم لحكومة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، في حين عكس التوجهات لدى القيادة الجديدة التي طالبت بإسقاط الحكومة، وكذا دعمهم ومساندتهم لعملية السلام الجارية في جوبا بين الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح، مندداً بما سماه خطط تخريب تلك العملية السلمية.
وكان الظهور اللافت لتجمع المهنيين في أغسطس العام 2018 وذلك للضغط على نظام البشير من أجل تحسين الأجور وبيئة العمل، لكن مع بداية ثورة ديسمبر 2018 قاد الحراك الاحتجاجي ضد النظام حتى نجح في إسقاطه في 11 أبريل.

قفزة في الفضاء
وفي أول رد فعل على خطوة التجمع، علق الرئيس الأسبق للجنة أطباء السودان المركزية د.أحمد الأبوابي قائلاً إن الخطوة المعلنة غير موفقة، وقفزة في الفضاء وهروب من مراجعة أوليات التجمع، وأنها كانت ستكون أقوى وأقرب للفائدة لو كان الكيان موحداً ومالكاً لتمثيل حقيقي لكيانات المهنيين.
وأضاف الأبوابي في رسالة لتجمع المهنيين نشرها على صفحته عبر “فيسبوك”: “كان من الأولية والموضوعية أن يتجه تجمع المهنيين لأن يقبل على توحيد قواه الداخلية قبل الكلام عما ليس مسؤولاً عنه إلا مشاركة، والأولوية كانت هي عقد مؤتمر للقوى المكونة لتجمع المهنيين نفسه وبحث الخلافات القائمة والعالقة والخروج بجسم موحد من الممكن أن يدعو القوى الأخرى”.

تأييد الخطوة
جاء موقف سكرتارية الأجسام المطلبية مؤيداً لهذه الخطوات، واعتبرتها موقفاً مستنداً على تعاطي الحرية والتغيير مع معطيات الواقع السياسي الذي تكررت أخطاؤه، التي أضعفت المد الثوري على الرغم من التضحيات العظيمة التي قدمها أبناء وبنات المجتمع السوداني.
وقال المتحدث باسم الأجسام المطلبية خالد محمد طه لـ(السياسي): “الخطوة التي قام بها تجمع المهنيين شجاعة وحاسمة”.
وأضاف: “هناك أخطاء جسيمة ارتكبتها قوى إعلان الحرية والتغيير بخصوص عملية السلام بالإضافة إلى الخلل في تركيبة المجلس المركزي للحرية والتغيير، وإبعادهم المقصود لقوى الثورة الحية من الأجسام الشبابية والنسوية والمطلبية والعمالية، والذي حول الحرية والتغيير لنادٍ للأحزاب السياسية وهو يعيد إنتاج الأخطاء التي أجهضت الديمقراطيات السابقة”.
وأكد طه في حديثه لـ(السياسي) أنهم يؤيدون قيام المؤتمر الذي دعا له تجمع المهنيين من أجل تقييم التجربة السابقة وتقويم الأخطاء ومن ثم اختيار القيادة السياسية الجديدة التي ستمثل كل القوى الثورية، وأنهم سيحشدون كل طاقاتهم من أجل قيام المؤتمر، وستتم دعوة كل الأجسام المطلبية وهي 55 جسماً مطلبياً.
ولفت إلى أن تحالف الحرية والتغيير مركزي ولا تأثير له في الولايات، مضيفاً “أن فلول النظام البائد يتصدرون أجسام الحرية والتغيير في الولايات، وأن المؤتمر الذي دعا له تجمع المهنيين سيعيد تأسيس قوى الحرية والتغيير في الولايات بصورة قوية وفاعلة تمثل أصحاب المصلحة الحقيقيين”.

تراجع وتقدم
يعود المحلل السياسي محمد أحمد شقيلة إلى الوراء قليلاً قائلاً لـ(السياسي): “ثورة ديسمبر عندما بدأت كان يقودها تجمع المهنيين ومن خلفه الثوار، وفي 1 يناير 2019 التحقت القوة السياسية إلى ركب الثورة عبر توقيعها على ميثاق الحرية والتغيير وذلك حتى الـ11 أبريل”.
ومنذ ذلك الوقت تراجع دور التجمع، وصعد تحالف الحرية والتغيير وهو ما خلق ارتباكاً كبيراً قي المشهد السياسي، فالثوار هم خلف التجمع ولهم رأي واضح في القوى السياسية.
ويشير إلى أنه خلال الفترات الماضية تمكن الحزب الشيوعي من خلق تمكين مُوازٍ له في مؤسسات الدولة بشكل عام، والأجهزة النقابية أو الأجسام الفرعية لتجمع المهنيين بشكل خاص منذ البواكير الأولى لنجاح الثورة ، مردفاً: “هذه حقيقة لا يمكن أن ينكرها إلا مكابر”.
ويضيف: “سيطر الشيوعي على انتخابات تجمع المهنيين وجعله واجهة له مقروناً ذلك بصراعه مع القوى السياسية التقليدية في الحرية والتغيير أو القوة اليمينية، خاصة حزب الأمة”.
ويشير إلى أن ذلك يجعل بيان التجمع السبت، أقرب ما يكون إلى ضغط على قوى الحرية والتغيير في الصراع السياسي الذي يدور هذه الأيام.
ويضيف شقيلة: “لكن بغض النظر عن أن ذلك قام به الحزب الشيوعي أو لم يقم به، فإن حقيقة أن يتنصل التجمع من قوى الحرية والتغيير فهذا هو مكسب للثورة قبل أن يكون مكسب للحزب، لأن الثوار والشارع يقف وراء التجمع ويكفر بالقوى السياسية، والذي أثبت أدائها وسلوكياتها خلال الفترة الانتقالية وحتى هذه اللحظة أنها لا تتعلم من التاريخ، وأنها ليست مواكبة للمرحلة”.
ويختم شقيلة حديثه لـ(السياسي): “هذه الخطوة مستحسنة، وأتمنى ألا تكون ضمن المناورات السياسية، فهناك ضرورة لـ”فرز الكيمان” لأن قوى الحرية والتغيير تعرقل الثورة والحكومة الانتقالية كذلك”.

تصحيح المسار
يقول القيادي في الحزب الشيوعي صديق فاروق فقال لـ(السياسي): “لم يستوعب المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير السكرتارية الجديدة للتجمع، وهو ما اضطر تجمع المهنيين للانسحاب. والتجمع يعمل على تصحيح مسار الثورة، بناء على تطلعات جماهير الشعب السوداني في 30 يونيو، وهي القوى التي لها مصلحة في التغيير ولا يمكن تجاوزها”.
الأكيد في ذلك أن المشهد السياسي صار مفتوحاً على كل الاحتمالات، فالساحة السياسية والوضع في البلاد قابل إلى اتخاذ منحى آخر وذلك ما سيكون عليه الحال مقبل الأيام.