يرى محللون سياسيون أن الخلافات الداخلية في السودان والاستقطابات الخارجية، التي غالبا ما طغت على المؤتمرات الدولية التي تبحث كيفية دعم البلاد وراء عرقلة وصول المساعدات الإنسانية والمالية بالسرعة المطلوبة، نظرا لتمسك الجميع بعدم تقديم تنازلات يمكن أن تساعد على إنهاء الفوضى والإسراع في مسار السلام.
الخرطوم – انعكست التعقيدات السياسية والأمنية التي يواجهها ملف السلام في السودان وتأخر التوقيع على اتفاق نهائي حتى الآن، سلبا على حجم المساعدات الخارجية الموجهة إلى الحكومة الانتقالية، وسط مخاوف من أن يؤدي تجدد الصراعات المسلحة في أقاليم الهامش إلى المزيد من التدهور.
وبدت رغبة المشاركين السياسية في المؤتمر الثامن لمجموعة “أصدقاء السودان” الذي رعته السعودية الأربعاء الماضي، في التوصل للسلام طاغية على خطط تقديم الدعم المالي.
وهدد المشاركون بتوقيع عقوبات على المعرقلين لعملية السلام أو أي طرف يحاول إفشال الاتفاق السياسي والميثاق الدستوري الذي تمخضت عنه السلطة الراهنة.
تحشيد دولي
دعت 26 دولة ومنظمة بينها فرنسا والسعودية والولايات المتحدة وقطر والإمارات والاتحاد الأفريقي والبنك الدولي، شاركت في الاجتماع، جميع الأطراف للانخراط في المفاوضات الجارية حاليا في جوبا، واستمعوا إلى شرح تفصيلي حول القضايا العالقة بين الحكومة والحركات المسلحة.
دعت 26 دولة ومنظمة بينها فرنسا والسعودية والولايات المتحدة وقطر والإمارات والاتحاد الأفريقي والبنك الدولي، شاركت في الاجتماع، جميع الأطراف للانخراط في المفاوضات الجارية حاليا في جوبا، واستمعوا إلى شرح تفصيلي حول القضايا العالقة بين الحكومة والحركات المسلحة.
الرشيد محمد إبراهيم: مؤتمرات أصدقاء السودان تتأثر بالتجاذب داخليا وخارجيا
وسعت الحكومة الانتقالية وقادة الجبهة الثورية، وحركة تحرير السودان المنشقة عنها بقيادة مني أركو مناوي، وشارك جميعهم في المؤتمر، لطمأنة المجتمع الدولي بشأن مسارات التفاوض الحالية، غير أن ذلك لم ينف القلق من دخول قوى إقليمية على خط المفاوضات تستهدف إحداث ردة فعل على ما توصلت إليه من توافقات.
وسعت الحكومة الانتقالية وقادة الجبهة الثورية، وحركة تحرير السودان المنشقة عنها بقيادة مني أركو مناوي، وشارك جميعهم في المؤتمر، لطمأنة المجتمع الدولي بشأن مسارات التفاوض الحالية، غير أن ذلك لم ينف القلق من دخول قوى إقليمية على خط المفاوضات تستهدف إحداث ردة فعل على ما توصلت إليه من توافقات.
ويرى متابعون أن المجتمع الدولي يترقب ما ستؤول إليه الأوضاع ومدى قدرة السلطة على تقديم ما يثبت أنها ماضية في طريق الاستقرار والتوافق بين مكوناتها التي تقوم على الشراكة بين المدنيين والعسكريين، قبل أن يكون هناك انخراط في ضخ استثمارات قد تفشل في تحقيق أغراضها حال تعرضت البلاد لموجات عنف جديدة.
ويعد الدعم المقدم حاليا سياسيا لمساعدته على الخروج من مرحلة عنق الزجاجة التي يمر بها جراء جمود السلام واستمرار وضعه على اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وهو أمر تحتاج الحكومة إلى تجاوزه.
وأخفقت السلطة الانتقالية في إقناع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب واتخاذ هذا القرار حتى الآن، بالرغم من الإجراءات المالية والقضائية التي اتخذتها ضد رموز نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير، والتفاهمات الودية بين واشنطن والخرطوم..
وقال أستاذ العلوم السياسية في مركز الدراسات الدولية بالخرطوم، الرشيد محمد إبراهيم، إن “نتائج مؤتمرات أصدقاء السودان تتأثر بالتجاذبات الداخلية والاستقطابات الخارجية، وإن رغبة المانحين أسيرة لخلافات عديدة، إلى جانب أن العالم كله يمر بأوضاع اقتصادية تنعكس سلبا على توجيه الدعم الخارجي”.
وأوضح في تصريحات لـ”العرب”، أن السودان لم يحسم أمره داخليا بعد بين الاعتماد على الاكتفاء الذاتي والإنتاج وتوظيف الموارد بصورة جيدة، وبين الاتجاه نحو صندوق النقد الدولي والمنظمات المانحة، وأن خطوات رئيس الحكومة عبدالله حمدوك نحو تلك المنظمات تواجه رفضا من بعض القوى، ما انعكس على عدم وضوح رؤية حكومته، وعدم وجود محفزات لحين التوافق حول سياسة اقتصادية واضحة.
ويذهب المحلل السياسي إلى التأكيد على أن هناك حالة من الضبابية تعتلي الثورة السودانية نتيجة الخلل في إدارة مفاتيحها، بعد أن طفت الأهداف الأيديولوجية والحزبية على السطح من دون أن يجري التوافق على مشروع قومي، يمكن أن يتوحد خلفه الجميع، ما يجعل السودان إما أن يسلك طريق المصالحات وإما التفتت الذي يصعب لملمته.
ولم يحصل السودان على مساعدات مالية محددة خلال مؤتمر أصدقاء السودان الأخير، غير أن المشاركين شددوا على ضرورة الالتزام السياسي بدعمه، بينما قدم مؤتمر برلين، قبل حوالي شهر، وعدا بمساعدات قيمتها 1.8 مليار دولار.
دور سعودي بارز
هناك رغبة كبيرة لتقديم الدعم والوصول إلى السلام في السودان وتنفيذه عبر عمليات إعادة البناء والإعمار والدمج والتسريح ونزع السلاح وعودة النازحين واللاجئين والتنمية، ومعالجة جذور النزاعات، وثمة اتجاه لتحويل مجموعة أصدقاء السودان إلى آلية دائمة لمتابعة تنفيذ اتفاق السلام ومراقبة تنفيذه.
هناك رغبة كبيرة لتقديم الدعم والوصول إلى السلام في السودان وتنفيذه عبر عمليات إعادة البناء والإعمار والدمج والتسريح ونزع السلاح وعودة النازحين واللاجئين والتنمية، ومعالجة جذور النزاعات، وثمة اتجاه لتحويل مجموعة أصدقاء السودان إلى آلية دائمة لمتابعة تنفيذ اتفاق السلام ومراقبة تنفيذه.
ووجه مؤتمر السعودية رسالة إلى الولايات المتحدة بضرورة رفع اسم السودان من على لائحة الدول الراعية للإرهاب كي يتسنى له تجاوز بعض عقباته الاقتصادية.
وقررت مجموعة أصدقاء السودان، عقد الاجتماع التاسع في أكتوبر المقبل، لمراجعة الآليات المتعددة، بما في ذلك بدء عملية المراجعة الشاملة من قبل صندوق النقد الدولي، ومؤتمر المانحين المتوقع عقده في بداية العام القادم حول السودان.
وتسعى الخرطوم من خلال مؤتمرات الشراكة مع الدول الصديقة العربية والغربية إلى توفير الدعم، وجذب رؤوس الأموال والشركات الكبيرة للاستثمار في البلاد، وإنعاش الاقتصاد الذي تشهد قطاعاته الإنتاجية ترديا مريعا.
شوقي عبدالعظيم: ثمة رغبة سعودية لتقريب وجهات النظر بين فرقاء السودان
ويعتقد البعض من المراقبين، أن وجهة الدول والمنظمات المانحة سوف تتجه في المستقبل إلى ضمان استقرار الأوضاع الأمنية في الأقاليم المضطربة، في دارفور وشرق السودان، وتركيز الجهود التنموية المقدمة لمناطق المركز المستقرة نسبيا بعيدا عن الأطراف، والتي هي بحاجة أكبر إلى الدعم الاقتصادي العاجل.
ويعتقد البعض من المراقبين، أن وجهة الدول والمنظمات المانحة سوف تتجه في المستقبل إلى ضمان استقرار الأوضاع الأمنية في الأقاليم المضطربة، في دارفور وشرق السودان، وتركيز الجهود التنموية المقدمة لمناطق المركز المستقرة نسبيا بعيدا عن الأطراف، والتي هي بحاجة أكبر إلى الدعم الاقتصادي العاجل.
واستمرت الاشتباكات القبلية في ولاية بورتسودان الواقعة شرق السودان، لليوم الخامس على التوالي ولم تفلح التعزيزات التي أرسلتها الحكومة من قوات الاحتياطي المركزي إلى المدينة لوقف القتال، وارتفع عدد ضحايا الاشتباكات إلى 32 قتيلا و98 جريحا.
وأشار المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم، إلى أن السودان يعول على دعم دولي لتمويل عملية السلام التي تراوح مكانها، ويعد توالي الفعاليات الإقليمية المرتبطة بتقديم الدعم نقطة مهمة، تستهدف دفع عجلة السلام التي تشكل ركيزة للانفتاح على مؤسسات مالية واقتصادية، ومقدمة لتوجيه المشروعات لولايات
الهامش.
الهامش.
وأوضح لـ”العرب”، أن الرياض تسعى لأن يكون لها دور بارز في تمويل عملية السلام، وأن ثمة رغبة لتقريب وجهات النظر بين الحركات المسلحة والحكومة لإنهاء حالة التوتر في دارفور وشرق السودان، والتي تعد مواقع جيوسياسية مهمة.
وتحتاج عملية السلام والخطوات المرتبطة بها، مثل العودة الطوعية وبناء القدرات في مناطق الحرب وعمليات الدمج والتسريح، إلى تمويلات تقدر بنحو 10 مليارات دولار، من الواجب توفيرها سريعا لإنهاء مجموعة من المشكلات العاجلة، وتهيئة الأجواء لتحقيق السلام الشامل.