بمتوالية عكسية تمضي علاقة الحكومة الانتقالية وحاضنتها السياسية الحرية والتغيير،فما أن يصدر الجهاز التنفيذي الذي يقوده الدكتور عبدالله حمدوك قراراًإلا وسارعت ذات المكونات التي أتت به وبمعاونيه بإعلان معارضتها ورفضها لما اتخذه من قرار،وعلى ذات الطريق مضت قحت في طريقها وهي تؤكد رفضها القاطع للقرارات الاقتصادية الأخيرة،التي قال الجهاز التنفيذي في عهد وزير المالية السابق الدكتور إبراهيم البدوي إن الهدف منها إزالة التشوهات الاقتصادية ثم جاءت الوزيرة المكلفة هبة محمد علي وأكدت أن ضرورتها تنبع من العجز الذي يواجه الدولة،غير أن هذه المبررات لم تقنع مكونات بالحرية والتغيير .
وفي هذا الإطار فقد كشف الحزب الشيوعي، عن اتصالات ستتم برئيس الوزراء، لتعديل القرارات الاقتصادية الأخيرة الخاصة بموازنة العام 2020، والتي وصفها بالكارثية والخاطئة،وحث عضو اللجنة المركزية للحزب، صديق يوسف، في تصريح لـ(الانتباهة)، الحكومة على الالتزام بقرارات وسياسات قوى الحرية والتغيير ونبه إلى أن الحكومة هي حكومة الحرية والتغيير،وقال يوسف، إن المستشارين الاقتصاديين لقوى الحرية والتغيير،قدموا مُقترحات لتعديل الموازنة، غير أن الحكومة لم تأخذ بها.
رفْض اليساري المخضرم صديق يوسف جاء عقب ايام قليلة من اجازة اجتماع مشترك بين السيادي ومجلس الوزراء الموازنة المعدلة للعام 2020 التي تأتي في وقت يواصل فيه التضخم الارتفاع الى مستويات قياسية مع تراجع لقيمة الجنيه السوداني ،واشارت الحكومة الىأن السبب وراء تعديل الموازنة هو الحاجة لتبني سياسات لتخفيف التأثير السلبي لجائحة كورونا على الوضع الاقتصادي العام، لافتة إلى الانعكاسات السلبية لهذا الوباء، التي تتمثل في انخفاض الإيرادات العامة بنسبة 40 في المئة، وازدياد حجم الإنفاق العام لمواجهة ظروف الجائحة، وما خلقته من تداعيات،وتوضح ان زيادة حجم المصروفات، وانخفاض الإيرادات، ازدادت نسبة للعجز العام في الموازنة، لذلك كان لابد من مراجعة الميزانية واتخاذ إجراءات طوارئ، من بينها الترشيد، ودعم الوقود، والتعديل التدريجي لأسعار صرف الدولار، والدولار الجمركي لمدى زمني يستمر لعامين حتى الوصول إلى السعر الحقيقي.
ولتقليل المخاوف فقد اكدت الحكومة استمرار دعم الدقيق، والأدوية، وغاز الطبخ، والكهرباء،غير انها كشفت عن تعديل في أسعار الكهرباء للفئات ذات الاستهلاك العالي وليس المحدود،وترى ان هذه الإجراءات ستحقق تحسناً في النمو الاقتصادي،وأنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد نمواً متدرجاً في نهاية البرنامج في عام 2021 بثمان نقاط، بحيث يخرج من مؤشر النمو السلبي إلى مدى متوسط وطويل، مما يسهم في التحكم بالتضخم الذي وصل إلى مستويات عالية.
وسهام قحت التي وجهتها ناحية الموازنة المعدلة شملت معظم مكوناتها خاصة لجنتها الاقتصادية ،ويبرز هذا من خلال ثنايا تحذير اطلقه عضو لجنة خبراء قحت الاقتصادية صدقي كبلو الذي اكد أن تعديل الموازنة من شأنه ان يفاقم معاناة المواطنين سيما مع الإعلان عن تعديل سعر صرف العملات الأجنبية ورفع الدعم التدريجي عن المحروقات»،وقال كبلو في تصريحات صحفية انه لم تتم مشاورتهم في تعديل الموازنة ،وقال»برغم أن وزيرة المالية المكلفة كانت معنا في اجتماع بذات يوم الإعلان عن التعديل لكنها لم تبلغنا به،كنا نتوقع أن تكون هناك مناقشات حول تعديل الميزانية لكنها لاتزال تحمل ذات السمات السابقة منذ اجازتها في ديسمبر الماضي وتهدف إلى زيادة المحروقات وتحرير سعر الصرف والذي لم تتم مناقشته في اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير».
وأضاف «نحن لا نوافق على تلك الخطوة كما أن هذا الطريق يمثل اختياراً خاطئاً سيؤدي إلى مزيد من ارتفاع معدل التضخم وزيادة معاناة المواطنين،ورأى كبلو أن الطريق الذي تمضي فيه الحكومة حالياً يؤدي إلى إثراء مجموعة من الرأسماليين الطفيليين الذين كانوا يستفيدون من النظام السابق والذين فتحت لهم الحكومة مجال تصدير الذهب والسلع الأخرى بما يسمح لهم بالتحكم في سعر الصرف،وأشار الى أن عائدات صادراتهم من الذهب لا تدخل بنك السودان المركزي وإنما للبنوك التجارية إضافة إلى أنه يسمح لهم ببيعها للمستوردين بدون أن يكون هناك سعر محدد للعملة وإنما بالسوق الحرة.
واعتبر تلك الخطوة تعويماً للجنيه وهو ذات الخطأ الذي ارتكبه رئيس الوزراء الأسبق معتز موسى فيما عرف ببرنامج – الصدمة- ما ادى الى سقوط نظام البشير ،وقال الخبير الاقتصادي إن الحكومة الحالية تريد أن تتخلى عن مسؤوليتها في استيراد السلع الاستراتيجية كالمحروقات بما يؤدى إلى ارتفاع اسعارها ويزيد من تفاقم أزمة المواصلات الناتجة عن الزيادة التي حدثت خلال فترة وزير المالية المستقبل إبراهيم البدوي.
رفْض الحرية والتغيير للقرارات الاقتصادية يعتبره البعض مثله وذر الرماد على العيون لاعتقادهم بان رئيس الوزراء لايمكنه تجاوز قحت وانها على علم ولكنها تتحاشى دفع الفاتورة السياسية ،فيما ينظر اخرون الى الامر من زاوية ان رئيس الوزراء يمارس صلاحياته،وبصفة عامة فان اعتراضات قحت على قرارات حمدوك تشي بان العلاقة بين الطرفين وبعد اكمال الحكومة الانتقالية عامها الاول لن تستمر حتى نهاية الفترة الانتقالية .